الناشر "
Unknown
" فى 1:32 م

وزير التربية الوطنية مازال سفيرا خارج المغرب
من اعداد: ذ. عبدالله اكسا
في يوم 4 شتنبر 2012 أصدر وزير التربية الوطنية مذكرتين وزاريتين، الاولى تهم إعداد استعمال الزمن وفق التوقيت اليومي والثانية تهم التوقيف المؤقت بشأن الترخيص لأطر هيئة التدريس بالقيام بساعات اضافية بمؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي، بعد قراءة متأنية لهاتين المذكرتين يمكن أن نستنتج بأن السيد الوزير لا يعرف حقيقة الأوضاع داخل القطاع الذي يسيره، فهل يمكن فعلا تطبيق مذكرة إعداد إستعمال الزمن في المجال الحضري؟ وهل فعلا وزارة التربية تريد منع الاساتذة من القيام بساعات اضافية بمؤسسات التعليم الخصوصيأم أن هاتين المذكرتين ليستا سوى فقاعة إعلامية لا غير من أجل لفت الانتباه إلى الدخول المدرسي الجديد؟
تشير مذكرة إعداد استعمال الزمن وفق التوقيت اليومي إلى أن ثلاثين ساعة المخصصة كأيام عمل لأساتذة الابتدائي سيتم توزيعها على أيام: الاثنين، الثلاثاء، الاربعاء، الخميس والجمعة، هذا في المجال الحضري، أما في المجال القروي فقد أعطيت لمجلس التدبير والمفتش صلاحية تحديد استعمال الزمن يراعي الخصوصيات المحلية للعالم القروي.
ولكي تطبق هذه المذكرة بالمجال الحضري أو القروي لابد من شرط أساسي ألا وهو أن يتوفر كل أستاذ على حجرة خاصة به، يعمل فيها في الفترة الصباحية وفي الفترة المسائية أي أن يتساوى عدد الاساتذة مع عدد الحجرات في كل مؤسسة تربوية سواء بالحاضرة أو بالبادية، وهو شرط لا يتوفر إلا في مؤسسات معدودة على الأصابع في كل أكاديمية، فنحن نعرف أن المجال الحضري يعاني من فائض مهول للأساتذة حيث يتجاوز عددهم عدد الحجرات داخل المؤسسات التربوية بنسبة كبيرة، أما في المجال القروي فهناك حجرات يتناوب عليها ثلاث أساتذة، فالبنية التربوية بالمجال القروي تعاني مشاكل كثيرة.
فهل السيد الوزير لم يطلع جيدا على الإحصائيات الخاصة بهيئة التدريس والمتوفر من الحجرات في كل أكاديمية حتى يصدر مثل هذه المذكرة؟ هل يمكن اعتبار هذه المذكرة التفافا على المطلب القديم/الجديد بإلغاء الساعات التضامنية التي أضيفت إلى الوظيفة العمومية أواسط السبعينات وتم التخلي عنها في كل القطاعات العمومية إلا في قطاع التربية الوطنية؟
إننا نطالب من وزارة التربية الوطنية عند تقييمها عملية الدخول المدرسي أن تقول لنا ماهي المؤسسات التي طبق فيها هذا التوقيت؟ وما هو عدد هذه المؤسسات ونسبتها في كل أكاديمية؟
أما المذكرة الثانية فتشير إلى المنع المؤقت لمنح الترخيص لهيئة التدريس بالقيام بساعات إضافية في التعليم الخصوصي، هذه المذكرة تشير إلى أن من أصدرها في هذا التوقيت بالضبط ( 4 شتنبر: تاريخ الدخول المدرسي بالتعليم الخصوصي) لا يعرف بأن وجود وأوكسيجين التعليم المدرسي الخصوصي يستمده من عمل أساتذة القطاع العام، فمؤسسات التعليم الخصوصي مثل الأبناك، فلو اتفق كل الزبناء لسحب ودائعهم من البنك لأفلس، وبالتالي فمنع أساتذة القطاع العمومي بالعمل بالتعليم الخصوصي يعني إفلاسه وانهياره، انني لا أبرر عمل أساتذة القطاع العام بالساعات الاضافية بالقطاع المدرسي الخصوصي، فبطالة الخريجين وإحتجاجهم من أجل حقهم في الشغل وإقدام بعضهم على إحراق ذاته من أجل حقه في العمل يجعل كل استاذ يعمل بالقطاع العام ولديه حس وطني اتجاه أبناء شعبه، أن يترك عمله بالقطاع الخاص لمن هو محتاج اليه، وعندما سينسحب أساتذة القطاع العام من العمل في التعليم الخصوصي ستنهار تلك السمعة الواهية التي اكتسبتها هذه المؤسسات على حساب المدرسة العمومية.
أما إن كانت وزارة التربية الوطنية تعرف بأن العمود الفقري للمدارس الخصوصية يتشكل من أساتذة التعليم العمومي وقامت بإصدار هذه المذكرة في هذا التوقيت، فهي مصيبة أعظم، لأنها تعرف مسبقا بأن اصحاب السيارات الصفراء سيحتجون ضد المس بمصالحهم المالية، وهو ما سيؤثر على مبدأ تحصين القرارات، فنحن نعرف أن الباطرونا في المغرب مستعدة لقبول أي شيء إلا المساس بمصالحها المالية، وهو ما وقع بالفعل، فبعد تهديد الباطرونا بمسيرة حاشدة إلى الرباط بواسطة سيارات النقل المدرسي الصفراء اللون، ستعمل وزارة التربية الوطنية على التراجع عن هذه المذكرة، حيث ستعمل الوزارة على منح تراخيص القيام بساعات اضافية لهيئة التدريس عبر موقعها الالكتروني.
إن هذه الارتجالية التي صاحبت الدخول المدرسي سببها الرئيسي هو ابتعاد وزارة التربية الوطنية في نهج سياسة الشراكة والتشارك مع المعنيين بالأمر في تنظيم الميدان التربوي، فالمذكرات الفوقية والقرارات الانفرادية لن تزيد التعليم العمومي إلا مزيدا من الأزمة والتدهور، كما أن محتوى هذه المذكرات يكشف مدى معرفة أصحاب القرار التربوي بواقع المدرسة المغربية، ففي المدرسة الابتدائية في دولة كفرنسا والتي تستمد منها نخبنا مشاريعها في كل القطاعات العامة، لا يشتغل فيها أساتذة الإبتدائي إلا أربعة أيام: الاثنين، الثلاثاء، الخميس، والجمعة، ورغم ذلك تحقق نتائج ممتازة، فالعبرة بالكيف لا بالكم، فعوض إصدار مذكرة إعداد استعمال الزمن كان بالأحرى بوزارة التربية إصدار مذكرة إلغاء الساعات التضامنية، وعوض إصدار مذكرة منع أساتذة القطاع العام بالقيام بالساعات الاضافية بالتعليم الخصوصي في هذا التوقيت، كان من الأحسن إصدار هذه المذكرة في شهري ابريل او ماي وفتح مراكز التكوين لحاملي الشهادات الذين من الممكن أن تتعاقد معهم مدارس التعليم الخصوصي، فهل وزيرنا مازال يعيش خارج المغرب؟