الناشر "
Unknown
" فى 5:48 م
المعتقل السياسي عبد النبي شعول
( ورقة تعريفية + شهادة)
ورقة تعريفية
الرفيق شعول عبد النبي (عبد الله) من مواليد 01 فبراير 1987 بدوار بوعلالة جماعة تبودة دائرة غفساي إقليم تاونات، تابع دراسته الابتدائية بمدرسة بوبريح ثم انتقل إلى ملحقة إعدادية 16 نونبر بتبودة ليكمل دراسته الإعدادية، وبعدها رحل إلى مدينة غفساي حيث ناضل في صفوف الحركة التلاميذية بينما كان يتابع دراسته الثانوية بثانوية الإمام الشطيبي التي حصل بها على شهادة الباكلوريا شعبة العلوم التجريبية سنة 2006.
التحق بالجامعة موسم 2006/2007 وسجل بكلية العلوم ظهر المهراز-فاس شعبة البيولوجيا، التي يتابع فيها الآن دراسته في السنة الثالثة، ومنذ التحاقه بالجامعة وهو يناضل في صفوف النهج الديمقراطي القاعدي والاتحاد الوطني لطلبة المغرب، كما أن الرفيق مناضل في حركة 20 فبراير بفاس.
اختطف الرفيق من منزل أسرته يوم 21 يوليوز 2012 وهو الآن يقبع بسجن عين قادوس إلى جانب أربعة من رفاق دربه، وسيحال على أولى جلسات "التحقيق التفصيلي" بمحكمة الاستئناف يوم 19 سبتمبر 2012.
شهادة التعذيب
المعتقل السياسي: عبد النبي شعول
رقم الاعتقال: 78194
الحي الجديد الزنزانة رقم 1
شهادة حية على رحلة تعذيب قاسية
من قلب سجن عين قادوس السيئ الذكر أرفع شارة النصر والوفاء إلى أوسع الجماهير الطلابية والشعبية بمجموع مواقع وميادين النضال والصمود.
تحية العزة والكرامة لكافة المعتقلين السياسيين بسجون الديكتاتورية، وعبرهم إلى كافة مناضلي الشعب المغربي الشرفاء المستمرين على درب المقاومة والمواجهة والمدافعين بشراسة عن القضية والموقف، والخزي والعار لكل المساومين والمتاجرين بمعاناة وآلام المقهورين مقابل الكراسي الوثيرة والمناصب المريحة.
تحية خاصة لرفيقاتي ورفاقي في النهج الديمقراطي القاعدي ولعموم أصدقاء الشعب، أنصار المعارضة الثورية ببلادنا، مزيدا من الصمود والمقاومة، مزيدا من تعميق الارتباط الجذري بالجماهير.ألف تحية يا بنادق الحرية.
المجد الخالد لشهدائنا، شهداء حركة التحرر الوطني المغربية.
سجل الموسم النضالي 2011-2012، علامة بارزة في المقاومة والمواجهة التي عبرت عنها الحركة الطلابية بقيادتها السياسية والعملية النهج الديمقراطي القاعدي، بتفجير معركة من الحجم الكبير على أرضية ملف مطلبي شامل بمستوياته الثلاث (مادي، ديمقراطي، بيداغوجي)، وجهت من خلالها رصاصة قاتلة للمخطط الاستعجالي في سنته الثالثة والأخيرة، وشكلت في المقابل قاعدة صلبة للتصدي والمجابهة للمخطط الطبقي المقبل في حقل التعليم، بالرغم من حجم الاستهداف الذي تعرضت له المعركة النضالية من طرف النظام وعملائه من قوى ظلامية وما ارتكبته من جرائم في حق الجماهير الطلابية ومناضليها الشرفاء، وما تبعها من هجمات على يد البلطجية المجندين من طرف الأجهزة الاستخباراتية للنظام، توجت بحملة شرسة من الاختطافات والاعتقالات التي طالت مجموعة من الرفاق مباشرة مع نهاية الموسم الدراسي، ولي الشرف العظيم أن أكون واحدا منهم، وإليكم جميعا متتبعين ومهتمين وقراء، ما استطعت لملمته وتدوينه حول حيثيات اعتقالي.
في يوم السبت 21 يوليوز 2012 أقدمت فرقة خاصة تابعة للأجهزة القمعية بفاس مكونة من 6 عناصر مدججين بأسلحة مختلفة (هراوات، قضبان حديدية، أصفاد، رشاشات الغاز المسيل للدموع، عصابة (بانضة)…)، بمساعدة العديد من عناصر ما يسمى "السلطة المحلية": "القايد"،" الشيخ"، "المقدم"، على متن سيارة رباعية الدفع من نوع 4×4 تابعة ل"عمالة" تاونات، في مهمة خاصة لاعتقالي.
ففي الصباح، وبينما أفراد عائلتي لازالوا نائمين، فوجؤوا بالعصابة الإجرامية وقد حاصرت المنزل، ودون سابق إنذار أو تبرير، تم الشروع في اقتحام الغرف وتكسير الأبواب والنوافذ، وتمزيق الكتب وبعثرتها بحثا عن وثائق معينة تخصني، وقاموا باعتقال أخي ورفيقي في الدرب وهددوه بالسجن إن لم يدلهم على مكان تواجدي، فلما رفض تعرض للضرب والتعنيف بشدة، كما تجرأت هذه العصابة بكل وقاحة على اقتحام غرفة والدتي وهي لازالت نائمة، وإمطارها بوابل من الألفاظ النابية المستقاة من قاموس لغوي خاص يعتبر ماركة مسجلة باسم الأجهزة القمعية للنظام القائم بالمغرب.
أمام مرأى ومسمع عائلتي ، حاصرني أفراد العصابة وانهالوا علي بالضرب العنيف والصفع المسترسل على وجهي، ولكي يفقدونني توازني اخرجوا الهراوات والقضبان الحديدية التي كانوا يدسونها تحت ملابسهم، وشرعوا في التنكيل بي بطريقة وحشية على مستوى الرجلين واليدين حتى أسقطوني أرضا، وهددوني إن استمررت في التعنت والمقاومة باستخدام الغاز المسيل للدموع، وصرخ أحدهم في وجه أحد أفراد أسرتي قائلا: "راه عندنا أوامر عليا باش نعتاقلوا عبد الله "، وفي زمن قياسي وجدت نفسي مكبل اليدين داخل السيارة، بعدما جردوني من ملابسي ونزعوا حذائي، ولم يتركوا لي غير سروال قصير "شورت"، فلما سألهم أبي قائلا: "شنو دارليكوم ولدي، اعطيوه غير احوايجو يلبسهم " أجابه أحد الجبناء: "ولدك ألحاج راه اغتصب بنت الناس مسكينة راها كتبكي فالولاية"، نظرت محدقا في وجه أبي وملامح وجهي تنفي ما تردد على لسان هذا النذل، فلامست في إشراقة عيونه أنه لم يصدقهم، ثم قال لي بصوت مرتفع وهم يبعدونه بقوة خلف السيارة، " أنا تايق فيك أولدي أنا معاك، ما تخافش الحبس داروه غير للرجال"، فشعرت بارتياح كبير وفرح يغمرني بقوة.
وضعوني في "كوفر" السيارة بعدما عصبوا عيناي ب"البانضة" برتقالية اللون ويداي مقيدتين وراء ظهري، هكذا رافقت عصابة الجلادين عبر رحلة عذاب قاسية، وإرهاب نفسي منظم ومتواصل على طول المسافة الفاصلة بين مكان اعتقالي ومدينة فاس، أحدهم كان يجلس في المكان الخلفي للسيارة المجاور لمكاني، كلف بحراستي أثناء الطريق رغم أني مقيد والأبواب مغلقة، سرعان ما أخذ يتفنن في الاعتداء علي بشكل مركز على مستوى العمود الفقري والكلي، فعندما كنت أصرخ من شدة الآلام، كان يأمرهم برفع مستوى صوت الموسيقى لكي لا يسمع صوت صراخي المزعج، " صوتك ما كنحملوش، اطلعلي فراسي في كل مرة كنلقاك احدايا كاتعطي الكلمة، وزايدني بالصداع حتا هنا، سدوا لمو فمو " …
استمرت رحلة المعاناة، بعدما أدخلوني "ولاية" فاس أمرهم أحد " المسؤولين" ينادونه ب"الحاج" بإزالة العصابة عن عيناي، بعدها ربطوا قيدي بعمود حديدي في زاوية إحدى الغرف، وتركوني لوحدي وأغلقوا الباب ثم انصرفوا، بعد ساعات طوال وبالضبط قبل آذان المغرب بدقائق قليلة، دخل أحد الجلادين، ضخم الجثة، سألني وهو في حالة غليان وغضب شديدين، "شنوا سميتك انتا؟ وقبل أن أجيب رد مقاطعا، "أنت هو عبد الله ديال العلوم دايرلي فيها زعيم فالجامعة و حدا المحكمة و ف 20 فبراير هاد الليلة وجد راسك للاغتصاب، اصبر حتى تودن المغرب باش يدوز لي الصيام "، ثم انصرف.
لم تمر إلا ساعة أو أقل ، حتى وجدت نفسي داخل غرفة مظلمة، معصب العينين ويداي مكبلتين وراء ظهري، وسط مجموعة من عناصر القمع تحوم حولي، ثم أمرني أحدهم بالجلوس على ركبتي والنظر نحو الأسفل ، فبدأت أشواط الاستنطاق بطرح مجموعة من الأسئلة الشكلية المتعلقة بعائلتي ومشوار دراستي من السنة الأولى ابتدائي إلى حدود السنة الثالثة جامعي موسم 2011-2012، مع التركيز بالأساس على السنوات التي قضيتها بالجامعة، "فوقاش التحقتي بالجامعة؟"،" كيفاش وليتي كتناضل؟"، "شكون ناقش معاك أول مرة؟"، "فوقاش انضميتي للرفاق؟"،… والعديد من الأسئلة في هذا الصدد، ولما رفضت الإجابة، انهال علي أحدهم بالصفع والركل ، قبل أن يأمره آخر بالتوقف مرددا : "الإجابة على هاد الأسئلة يزيدها فراسو" ثو نادني باسمي "عبد الله راحنا عارفين كولشي ، غير قلنا دابا شنو هي مكانتك بالتدقيق وسط القاعديين"، ثم انتقل إلى مسؤوليتي كمناضل داخل حركة 20 فبراير، ولجنة المعتقل، فنطق احدهم " والله يا دين موك يا ولد الق… ودوختي راسك هاد المرة، حتى نخشي لموك هاد العصا ف… راحنا عارفينك انت هو وزير الإعلام والناطق باسم لجنة المعتقل، وممثل القاعديين في محطات 20 فبراير لكاديروها ففلورانس" وأضاف " وقلنا حتى دابا ما عارفش، راحنا عندنا الفيديوات ديالك فصفرو، وخنيفرة نهار الذكرى ديال الحمزاوي، والقنيطرة، وقرية ابا محمد"، وقاطعه آخر صارخا " راه ولد الق… دار الروينة فالشليحات، آش دا القاعديين للعرائش وزايدينها بإسقاط النظام ، دين ربكم بغيتو ديرو الفوضى فالبلاد كاملة، الجامعة ما كفاتكومش"، نقاط كثيرة طرحت علي وخاصة المتعلقة بالنهج الديمقراطي القاعدي، ومهامي النضالية داخل لجنة المعتقل، ومستقبل أنشطتها وطريقة اشتغالها وأعضائها وأهدافها… وكذلك واقع وآفاق حركة 20 فبراير خاصة موقع فاس، وتازة، والدار البيضاء، وبعض المدن في شمال المغرب… أمروني بالإجابة وتقديم معلومات حول هذه المواضيع وغيرها، فرددت ما قلته في السابق، معلنا انتمائي للنهج الديمقراطي القاعدي، ومتبنيا كل الصور والفيديوهات المسجلة لأنشطتي ومشاركتي في الخطوات النضالية التي جسدتها لجنة المعتقل بالعديد من مدن المغرب، إضافة إلى مشاركتي إلى جانب رفاقي والجماهير في المحطات النضالية التي تدعو لها حركة 20 فبراير، استفزتهم إجابتي، فتلقيت وابلا من الضرب في كافة أنحاء جسدي وأحدهم يردد على مسامعي: " هاد الهدرة يا ويد الق… عاودها للدراري الصغار، يا الز… وللطلبة الجدد، ولفتو لعصا، والله حتى نجمعوكم كاملين …"، وتابعوا تعذيبي حتى أغمي علي كليا، فلما استيقظت أمرهم " الشاف"، " هبطو هاد الكلب لاكاﭪ"، ودون أكل أو شرب، اللهم برودة الاسمنت القارسة والآلام جراء التعذيب ، لم أحس بطعم النوم إلا في حدود ساعات متأخرة من الليل، ناولني أحد المعتقلين بعض الأكل وسيجارتين.
نفس السيناريو تقريبا سيعاد في اليوم الثاني، أخذوني معصب ومكبل عبر سراديب "الولاية"، أدخلوني غرفة فبدأ شوط آخر من التحقيق والاستنطاق، حيث بدأ أحد الجلادين يطالبني بالتحدث حول تمسك القاعديين والجذريين عامة بشعار "الشعب يريد إسقاط النظام"، "علاش مختلفين مع (وذكر مجموعة من الجهات وحتى بعض العناصر التي ارتمت في أحضان التآمر والتخاذل)، هوما ذكيين وفهمو مصلحتهم فين، وانتم راسكم قاصح"، أحسست بألم فظيع يعصرني وتذكرت تلك العبارة الخالدة للرفيق الأممي تشي غيفارا : " إن تقدمت فاتبعوني، وإن توقفت فادفعوني، وإن تأخرت فقد خنت فأعدموني"، وخلال النزر الأخير من الليلية الثانية داخل مخافر القمع، بقي معي عنصران داخل غرفة موصدة الأبواب والنوافذ، أحضر لي أحدهما كرسيا وأمرني بالجلوس وأزال "البانضا" محتفظا بالقيد في يداي، وجلس بجانبي محدقا في وجهي، والآخر أمامي في مكتبه، يطرح العديد من الأسئلة التي لا علاقة لها بما سبق من قبل، فاكتشفت من أسئلته أن المطلوب مني هو الإجابة بنعم وفقط، وعندما كنت أنفي ما ينسبه إلي من أشياء غريبة كان الشخص الذي بجانبي لا يذخر أي جهد في تعنيفي وتعذيبي لانتزاع اعترافات عارية من الصحة، من قبيل تخريب "الممتلكات العامة"، و تزعم عصابة مختصة في السرقة والضرب والجرح يومي 20/21 فبراير، … كما أحضر لي مجموعة من أقراص " CD" مسجل عليها مجموع كلمات لجنة المعتقل في العديد من مناطق المغرب، وخاصة التي تكلفت بإلقائها وعلى رأسها الكلمة التي بثثها إحدى المدونات الالكترونية، وكلمة أخرى أخرى ألقيتها باسم لجنة المعتقل بالعرائش بعد انتفاضة الشليحات هذا الموسم، خاطبني قائلا : "هاد السيديات دلائل وحجج قاطعة على ارتكابك جريمة كبرى في حق شخصية الملك وهذا ما يسميه الدستور والقوانين المعمول بها داخل المملكة الشريفة، المس بالمقدسات "، أجبته أين يكمن هذا المس بالمقدسات؟ فقال ماذا يعني كمبرادور؟ فأجبته أن هذا المفهوم ليس أخلاقيا، بقدر ما أنه مرتبط بالاقتصاد والسياسة وأمور بعيدة عن خدش الحياء والشخصية، قال لي مستهزءا " هاد الشي ديالنا أولدي وحنا مواليه"…
وفي صبيحة يوم الاثنين 23 يوليوز تمت إحالتي على محكمة الاستئناف بفاس، بدءا ب"وكيل الملك"، ومرورا بقاضي التحقيق الذي لم أجد اختلافا بين الأسئلة التي وجهها لي ونظيرتها ب"الولاية"، مما اضطرني إلى الوقوف أمامه فنزعت سروالي - أعطاه لي أحد الجلادين في "الولاية" قبل عرضي على "المحكمة بوقت قصير- محتفظا فقط ب"الشورت"، مبرزا له آثار التعذيب الذي تعرضت له على أيدي قوى القمع لمدة 48 ساعة، وقبل أن أنهي كلامي أعطى أوامره بإحالتي على سجن عين قادوس، محددا جلسة أخرى للتحقيق في يوم 19/09/2012.
وعند وصولي سجن عين قادوس، وبأمر من مدير السجن سيتم وضعي ب"الحي الجديد" غرفة 1، رفقة أزيد من 45 سجينا.
كانت هذه شذرات من رحلة التعذيب التي عشتها ولازالت مستمرة في أشواط أخرى، وبأشكال مختلفة من المعاناة المستمرة داخل غرف تعج بشتى أنواع وأصناف الحشرات والأوساخ والراوائح الكريهة التي تزكم الأنوف، ناهيك عن الاعتداءات التي نتعرض لها من طرف بعض " المسؤولين الإداريين"، والمضايقات من طرف بعض الموظفين والمنع من لقاء باقي الرفاق الموجودين بالسجن والتواصل معهم. كما تستمر إدارة السجن في تجاهل مطالبنا العادلة والمشروعة.
في الأخير أحيي عاليا مجموعة من الموظفين والسجناء الذين أبدوا معاملة إيجابية وتعاطفا كبيرا معي ومع باقي الرفاق.
من ينظر كثيرا إلى نار الحرية عيناه لا تدمع … إن الجباه المزدانة بالنجمة الحمراء لا تركع
لا سلام لا استسلام … معركة إلى الأمام
الحرية للمعتقلين السياسيين